{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)} [آل عمران: 3/ 83].وسبب نزول هذه الآية هو ما قال ابن عباس: اختصم أهل الكتابين إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما اختلفوا فيه بينهم من دين إبراهيم، كل فرقة زعمت أنها أولى بدينه، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم» فغضبوا وقالوا: واللّه ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك، فأنزل اللّه تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} أي يطلبون أو يرغبون.يفهم من الآية ميثاق النبيين أن دين اللّه واحد، وإن تعدد الأنبياء، فرسالات جميع الأنبياء تلتقي في جذع واحد، وهو الدعوة إلى توحيد اللّه جل جلاله، وتحقيق العبودية لله تعالى، والحث على التمسك بمكارم الأخلاق، والتزام الفضائل التي لابد منها لصلاح الفرد والجماعة.وإذا كانت رسالات الأنبياء واحدة، فما على البشرية ولا سيما المؤمنون بالكتب الإلهية إلا أن يتحدوا ويتضامنوا تحت لواء واحد، وينبذوا الفرقة والخلاف والتنازع على أي شيء في الدين ومصالح الدنيا.وإذا كانت أمتنا مطالبة في الدرجة الأولى بإيمان ذي مضمون واحد، وبكتاب سماوي واحد، فعليها أن توحد الصفوف، وتتماسك لبناتها، وتتجاوز خلافاتها، وتتناسى أحقادها وخصوماتها، لتكون أمة مهيبة مرهوبة الجانب في أنظار العالم قاطبة، قال اللّه تعالى في سورة الأنبياء: {إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)}الإيمان بجميع الأنبياء وجزاء المخالف:يتميز المسلمون بأنهم يؤمنون ويصدّقون بجميع الرسل والأنبياء، دون تفرقة، امتثالا لأمر اللّه في قرآنه حيث قال لنبيه: